تكنولوجيا التعليم الحديث

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

يعنى بطرائق التدريس الحديثة وتكنولوجيا التعليم الجامعي والوسائط المتعددة


    التشابك المعرفي في عصر التقنيات

    avatar
    hisham samir


    المساهمات : 34
    تاريخ التسجيل : 10/11/2009
    العمر : 35

    التشابك المعرفي في عصر التقنيات Empty التشابك المعرفي في عصر التقنيات

    مُساهمة  hisham samir الخميس فبراير 04, 2010 12:19 pm

    أن من ابرز سمات العلوم المعاصرة هي التداخل فيما بينها، ففي الوقت الذي غزت فيه الطرق والأساليب الرياضية والاحصائية والحاسوبية شتى العلوم الأساسية والطبية والهندسية بل وحتى الإنسانية نجد بأن العديد من المسائل والنظريات سواء أكانت في الرياضيات أم في الإحصاء وعلوم الحاسبات قد ولدت من أفكار مأخوذة من مسائل واقعية موجودة في باقي العلوم. وسنتحدث بتركيز شديد عن ثلاثة تخصصات حيوية تتزايد أهميتها بتزايد التقدم العلمي.

    أولا: الرياضيات (ملكة العلوم وخادمتها)

    عرفها بورفاين عام 1995 بأنها ((مجموعة من المواضيع المترابطة وتهتم بدراسة العدد والشكل والفضاء والعلاقات فيما بينها وتطبيقاتها وتعميماتها وتجريداتها)).
    والمتتبع لتاريخ هذا التخصص والمساهمة الفعالة لحضارتنا العربية والإسلامية في تطور الرياضيات يجد أن الرياضيات قد شهدت في الوقت المعاصر توسعا بسبب تطور الحاسبات والحاجة إلى وصف خوارزمياتها، وقد أسهم المنطق Logic إسهاما فعالاً بهذا الخصوص وتقاربت المواضيع باتجاه التعميم وتوافقت الفلسفة والمنطق.
    لقد توسعت الرياضيات ولازالت في توسع مستمر في عصر التقنيات وعلوم الفضاء والهندسة الوراثية والانترنيت. فمن Topology إلى Homology ومن نظرية الكوارث إلى المنطق المضبب Fuzzy Logic ومن الهندسة الكسورية Fractal geometry إلى الجَيشان Chaios.
    وباختصار شديد يمكن القول إن الرياضيات اليوم تنتمي إلى مدرستين رئيسيتين هما المدرسة المثالية والمعبر عنها من خلال الرياضيات القطعية Deterministic mathematics والمدرسة الواقعية المعبر عنها من خلال الرياضيات التصادفية Stochastic mathematics.
    لقد تطورت تطبيقات هاتين المدرستين لتشمل شتى المجالات وبوجه الخصوص المدرسة الثانية لتداخلها مع علم الإحصاء فشملت التطبيقات الطبية والإنسانية المختلفة.
    ونتيجة للتطورات السريعة المتسارعة في الحاسبات الالكترونية أصبح بالإمكان الآن حل مسائل كان ينظر إليها حتى وقت قريب بأنها ضرب من ضروب الخيال وهذا ما اكه الإحصائي الرياضي كولماغروف Kolomagrov بقوله.
    ((ظهور الحاسبات أعطت الرياضيات والإحصاء ميزة خاصة حيث تقارب النظري والتطبيقي وغدت النظريات المجردة تجد تطبيقا لها في حل مختلف المسائل التطبيقية)).
    ويقول الرياضي يوجين واكتر ((إن العلوم الرياضية حققت نجاحا كبيرا في فهم الطبيعة لدرجة لامعقولة وفي حقول المعرفة كافة).

    ثانيا: الإحصاء (لغة العلوم)

    هذا التخصص الذي بدأ بالعد وتدوين المعلومات والبيانات وتصنيفها وتبويبها مع أول ظهور للإمبراطوريات القديمة لتنظيم عملية التجنيد وجباية الضرائب غدا أسلوبا للتفكير بفتح الأبواب لمجالات المعرفة الجديدة في مختلف الميادين عن طريق إيجاد فهم أفضل لظواهر مختلفة مثل حركة الاقتصاد، الدراسات السكانية، التخطيط والتنمية، التنبؤ بالأحوال الجوية، قياس تأثيرات الكوارث البيئية، التكهن بنتائج الانتخابات وحتى قضايا تتعلق بسلوك الإنسان ولغته، حيث استخدم مفهوم إحصائي جديد يعرف بالغلاف الطيفي Spectral Envelop لإجراء تحليل للشعر العربي في المنطلق الترددي وغيرها من المواضيع ذات العلاقة مما دعا عالم الإحصاء بيرس Pierce إلى القول (إن الإحصاء هو علم الاستنتاجات ولا يوجد مكان للجهل فيه).
    لقد شهد علم الإحصاء تطورا ملحوظا مع إطلالة القرن العشرين ثم اخذ ينمو وتتسع تطبيقاته بتطور الأساليب الرياضية وعلم الحاسبات وظهرت الآن اختصاصات جديدة في علم الإحصاء تحت عناوين:
    تحليل السلاسل الزمانية والمكانية (Time series and spatial analysis)، نظم السيطرة التصادفية , (Stochastic control system) ، تحليل الصورة والإشارةArtificial neural network ،Optimal spline smoothing ,Image and signal analysis ، Wavelet smoothing، Data mining
    من ثمار التفاعل بين الإحصاء والحاسبات ظهور العديد من التطبيقات الإحصائية الجاهزة.

    ثالثا: الحاسبات (الشريان المتدفق للعلوم)

    إن اختراع الحاسبات الالكترونية وتطويرها المستمر إلى المستوى الذي آلت إليه الآن يعد إحدى الانجازات العلمية للإنسان وعلى الرغم من قصر عمر الحاسبات إلا أن التطور فيه يسير بسرعة مذهلة فلا يكاد المرء يتعلم تقنية جديدة إلا وظهرت أخرى أشد جاذبية وأكثر روعة حتى أصبح المشتغلون بعلوم الحاسبات يتميزون عن العاملين بالاختصاصات الأخرى وذلك بكون اختصاصهم في حالة تجدد سريعة ومستمرة إذا لم يواكبوها باستمرار تخلفوا عن ركب التطور. وفي الوقت الذي أسهمت فيه الحاسبات في تطوير الرياضيات والإحصاء فقد أسهمت الرياضيات والإحصاء بشكل فاعل في بناء الحاسبات وتصميم دوائرها ونظمها العددية ورفدها بالأساليب والخوارزميات اللازمة. ولتوضيح ذلك نعطي على سبيل المثال لا الحصر بعض المواضيع الأساسية والحيوية في علوم الحاسبات لنرى التشابك المعرفي بينها من جهة وبين الرياضيات والإحصاء من جهة أخرى.
    ففي موضوع معالجة الصورة Image processing والذي يعد من المواضيع الحيوية في علوم الحاسبات ويتعامل مع الصور من حيث تنقنيتها Filtering أو كبسها Compression أو تكبيرها أو تصغيرها وما إلى ذلك، فأن الوسائل الأساسية في معالجة الصور هي وسائل رياضية وإحصائية مثل مقياس الزمن time scale وتحليل فورير Fourier analysis والتحليل الطيفي Spectral analysis كما أن معالجة الصوت هو الآخر يعتمد على مواضيع إحصائية منها الارتباط والانحدار Correlation and regression ونظرية التنبؤ Predication theory.
    كذلك أن تمييز الأنماط Pattern recognition تعتمد الأخرى على أساليب إحصائية مثل التحليل الشبكي Network analysis وتحليل متعدد المتغيرات Multivariate analysis.
    وكذلك تمكننا بواسطة الرسم الحاسوبي Computer Graph من بناء صور مجسمة للقلب والرئة والمخ بتجميع الآلاف من القياسات بوسال إحصائية ويمكن أن تبين هذه الصور وجود أي خلل أو إصابة في هذه الأعضاء.
    كما استخدمت المعادلات التفاضلية الجزيئية لوصف انتشار الايعازات في الأعصاب ونظرية الاحتمالات لدراسة الانقسامات في البويضة وغيرها كثير.

    إن ثمار هذا التشابك المعرفي بين الرياضيات والإحصاء والحاسبات قد استثمرته جامعة طوكيو بتأسيس معهد نوعي متطور سمته معهد الرياضيات الإحصائية institute of statistical mathematics يُعني بمواضيع الاتصالات والسيطرة والترشيح والتمهيد فهل تنحو جامعاتنا العراقية هذا المنحى بعد أن أصبحت أقسام الرياضيات لوحدها وأقسام الإحصاء لوحدها أقساما طاردة؟ فتستفيد من كل ما هو جديد ولا سيما إذا كانت هي الدرة الثمينة الوهاجة في تاج الأمة والمعرفة الإنسانية.
    سائلين العلي القدير أن ينفعنا بجزائه بوم لا جزاء إلا جزاؤه

      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين مايو 13, 2024 1:00 pm